تنتاب العديد من الفتيات والنساء المسلمات حالة من الهَم والحزن الشديد عندما يأتيهن الحيض خلال شهر رمضان الفضيل، خاصة لو كان ذلك في أيامه الأولى أو في العشر الأواخر منه، حيث يمنعهن من أداء الصلوات الخمس والصوم وبالتالي يفوتهن فضل عظيم وثواب وأجر مضاعف.
وقد يصل حزنهن في أحايين كثيرة إلى درجة جلد الذات وعقاب النفس بالبُعد عن تناول الطعام أو شرب الماء أثناء نهار رمضان رغم إحتياجهن الشديد لذلك لتنظيم الهرمونات الأنثوية وحفظ توازنها، حتى لا تحدث لهن مضاعفات -إذا صمن- مما يدل على رحمة الله سبحانه وتعالى بالنساء فهو الذي خلقهن وسواهن، ويعلم وحده ما ينفعهن وما يضرهن.
وهناك مسلمات ثيبات وأبكار يلجأن إلى تناول بعض العقاقير مثل حبوب منع الحمل وغيرها لمنع نزول الحيض خلال شهر رمضان حتى يقدرن على صومه كاملًا، وذلك دون إستشارة الطبيب، فتحدث لهن مشكلات وإضطرابات في الهرمونات والرَحِم تحتاج وقتًا طويلًا لعلاجها.
فمن العلماء والفقهاء من أجازوا ذلك إذا لم يتسبب ذلك في الإضرار بهن، لأن في ذلك مصلحة في الصيام مع الناس ولعدم القضاء بعد ذلك، ومنهم من أفتى بعدم الجواز لتبقى المرأة على ما قدره وكتبه الله عليها، فله سبحانه حكمة وغاية من ذلك، لأن تعَمُّد منع نزول الحيض يضر بصحة المرأة لاسيما لو كانت بِكرًا لم يسبق لها الزواج.
تجدر الإشارة إلى أن الحيض مرض عارض يمنع صاحبته مما كانت تأتيه وهي صحيحة، فإذا أتاها وكانت مداوِمة على الطاعة وأداء العبادات التي لم يمنعها من مواصلتها إلا الحيض، فإن لها من الأجر مثلما كانت تفعل وهي صحيحة، عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له من الأجر مثلما كان يعمل صحيحًا مقيما» رواه البخاري.
أختاه.. لا داعي ولا جدوى من الحزن بسبب أن الناس من حولك يصومون ويصلون وأنتِ لا تقدرين على ذلك.. لأن الله تعالى هو من أمرك بالفطر وعدم الصوم والصلاة في تلك الأيام كما أمر غيرك بالصيام والصلاة..
فالله عز وجل يحب أن تؤتى رُخَصُه كما يحب أن تؤتى عزائمه، كما أنه جل شأنه يثيب العبد لمجرد أنه إمتثل أمره وطبق تعاليم شرعه.
¤ صور من الطاعات أثناء الحيض:
لا يزال أمامكِ فرص وسبل كثيرة يمكنك عن طريقها فعل الطاعات وعمل الخير لحصد الكثير والكثير من الحسنات والفوز بالأجر والثواب العظيم، ومن بينها:
=أولًا: قراءة القرآن: فيمكنك أن ترددي ما تحفظين من القرآن الكريم، دون أن تلمسي المصحف، كأن يكون موضوعًا على حامل وهذا جائز بلا خلاف بين أهل العلم، يقول الإمام النووي: والنظر إلى المصحف وإمرار ما فيه في القلب جائز بلا خلاف.
=ثانيًا: الذكر من تسبيح وتحميد وتهليل وتكبير وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.. إلخ.
ففي صحيح الترغيب والترهيب: قوله صلى الله عليه وسلم: «من هاله الليل أن يكابده، أو بخل بالمال أن ينفقه، أو جَبُن عن العدو أن يقاتله، فيكثر من سبحان الله وبحمده، فإنها أحب إلى الله من جبل ذهب ينفقه في سبيل الله عز وجل».
=ثالثًا: الذهاب إلى المسجد معلمة أو متعلمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من غدا إلى مسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرًا أو يعلمه، كان له كأجر حاج تامًا حجته» حسنه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
=رابعًا: حث الزوج والأبناء على أداء الصلوات في أوقاتها في المسجد ونصحهم بالمداومة على ذكر الله وطلب العلم مع إحتساب ذلك الأجر والثواب من هذا الحث والنُصح المحمود الذي هدفه طاعة الله ورسوله، قال تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الأعمال إلى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله» حسنه الألباني.
=خامسًا: دخول المطبخ وإعداد الطعام للصائمين مع وضع النية وإحتساب الأجر من الله على هذا العمل العظيم، وإستغلال الساعات التي تقضينها في المطبخ في ذكر الله والدعاء والإستغفار والإستماع إلى القرآن الكريم والمحاضرات الدينية.
الكاتب: هناء المداح.
المصدر: موقع قصة الإسلام.